عشرات القتلى والجرحى في اشتباكات عنيفة بالعاصمة الليبية

عنصر من قوات الأمن الموالية لحكومة الوفاق الوطني عند نقطة تفتيش في طرابلس (أ.ف.ب)
عنصر من قوات الأمن الموالية لحكومة الوفاق الوطني عند نقطة تفتيش في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى في اشتباكات عنيفة بالعاصمة الليبية

عنصر من قوات الأمن الموالية لحكومة الوفاق الوطني عند نقطة تفتيش في طرابلس (أ.ف.ب)
عنصر من قوات الأمن الموالية لحكومة الوفاق الوطني عند نقطة تفتيش في طرابلس (أ.ف.ب)

اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس، أمس (الجمعة)، بين جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة أثناء تصديها لهجوم كبير من قوات منافسة ذات توجهات إسلامية ومقاتلي فصائل مسلحة.
وسُمع دوي انفجارات قوية ونيران مدفعية ثقيلة في أرجاء طرابلس منذ الصباح الباكر. وقال مسؤولون صحيون إن ما لا يقل عن 28 شخصاً قُتلوا في أعمال العنف كما أصيب أكثر من 120 آخرين.
وأصدرت حكومة الوفاق بياناً يلقي باللوم في الهجوم على خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني ذات التوجهات الإسلامية، المعلَنَة من جانب واحد، التي شُكلت في 2014، وصلاح بادي، وهو قائد جماعة مسلحة متحالفة معها.
ولم تتضح مساحة الأرض التي سيطر عليها الجانبان. ولكن متحدثاً باسم الشرطة القضائية قال في ساعة متأخرة من مساء الجمعة إن جماعة متحالفة مع حكومة الوفاق سيطرت على سجن الحدباء الذي يضم كثيراً من السجناء المعروفين من بينهم أحد أبناء معمر القذافي ومدير مخابراته العسكرية.
وقال المتحدث أحمد أبو كراع إنه سيتم نقل السجناء إلى مكان أكثر أماناً اليوم (السبت).
وحلت حكومة الوفاق محل حكومة الغويل إلى حد كبير بعد وصولها طرابلس العام الماضي، لكن حكومة الغويل ما زالت تحصل على دعم مسلح خصوصاً من مدينة مصراتة بغرب البلاد.
وتسعى حكومة الوفاق الوطني جاهدة لبسط سلطتها في طرابلس وما وراءها أو كبح الفصائل المسلحة التي لها السيطرة على الأرض في ليبيا منذ الانتفاضة التي شهدتها البلاد في 2011.
وترفض حكومة ثالثة مقرها شرق ليبيا ومتحالفة مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي حكومة الوفاق الوطني.
وناشدت حكومة الوفاق الوطني في بيان سكان طرابلس التكاتف معها ومع أجهزتها الأمنية من أجل هزيمة «المخربين».
وتأتي الاشتباكات في أعقاب فترة من الهدوء النسبي في طرابلس منذ مارس (آذار) عندما دحرت جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني فصائل منافسة من الأحياء الواقعة في وسط المدينة.
وتركز القتال في أحياء أبو سليم وصلاح الدين وقصر بن غشير، وشوهدت أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد في سماء المدينة. واستمرَّ إطلاق النار طوال صلاة الجمعة.
وقال عامل إغاثة لـ«رويترز»: «تلقينا اتصالات من عائلات تريد الخروج لكن للأسف لا يمكننا الوصول إليهم بسبب الاشتباكات».
وشوهِدَت دبابات ومركبات مدرعة وشاحنات صغيرة مكشوفة تحمل مدافع مضادة للطائرات تسير باتجاه المعركة من شمال المدينة، بحسب «رويترز».
وأظهرت أيضاً صور نُشرت على الإنترنت رجال إطفاء يحاولون إخماد حريق في مبنى للمكاتب في وسط طرابلس تابع لشركة مليتة للنفط والغاز وهي مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة «إيني» الإيطالية.
وأدان مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا العنف في بيان، ودعا إلى استعادة الهدوء على الفور.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.